تويوتا في أفغانستان: الحاكم الحقيقي للطرقات!
إذا زرت أفغانستان يومًا ما – أو حتى شاهدت صورًا من شوارعها – ستلاحظ شيئًا واضحًا: سيارات تويوتا في كل مكان! سواء كنت في العاصمة كابول أو في القرى الجبلية النائية، ستجد أن السيارة المفضلة للأفغان ليست ألمانية ولا أمريكية، بل يابانية، وتحديدًا تويوتا كورولا، ومعها شقيقتها القوية هايلوكس وأسطورة الطرق الوعرة لاندكروزر.
لكن لماذا هذا الولاء العجيب لتويوتا؟ هل هي مجرد صدفة؟ أم أن هناك تاريخًا طويلًا وراء هذا الانتشار الساحق؟ تعالوا نأخذ جولة سريعة في قصة تويوتا داخل أفغانستان، حيث تحولت من مجرد سيارة إلى جزء من الحياة اليومية، وحتى من السياسة والحروب!
الحكاية بدأت في السبعينيات من القرن الماضي ، حيث بدأت سيارات تويوتا تجد طريقها إلى أفغانستان، ولكنها لم تكن الأكثر شعبية في البداية. كان الناس يعتمدون على السيارات الأوروبية مثل المرسيدس والبيجو، بالإضافة إلى السيارات الروسية التي جاءت مع النفوذ السوفيتي. ولكن مع الوقت، بدأت تويوتا كورولا تلفت الأنظار بسبب بساطتها واعتماديتها، خاصة مع وجود قطع غيارها بكثرة في الأسواق المجاورة مثل باكستان.
وفي عام 1979، اجتاح الاتحاد السوفيتي أفغانستان، وبدأت المقاومة الأفغانية (المجاهدون) في القتال. هنا ظهرت سيارات تويوتا هايلوكس ولاندكروزر كأبطال غير رسميين! كانت هذه السيارات خفيفة، سريعة، ويمكنها حمل الأسلحة والمقاتلين بسهولة على الطرق الوعرة.
خلال الحرب، أصبحت هايلوكس وسيلة النقل الأساسية للمجاهدين، بينما كانت لاندكروزر هي الخيار الفاخر لزعماء الفصائل. هذه السيارات لم تكن تحتاج إلى صيانة معقدة، وكانت تتحمل الحرارة والغبار والطرق الصعبة، مما جعلها السيارة المثالية للمعارك الجبلية.
مع انسحاب السوفييت عام 1989، دخلت أفغانستان في فوضى الحرب الأهلية، وهنا لم تعد تويوتا هايلوكس مجرد سيارة، بل تحولت إلى رمز للقوة! إذا كنت أمير حرب أو زعيم فصيل، فلا بد أن تمتلك قافلة من سيارات لاندكروزر وهايلوكس، وإلا فلن يأخذك أحد على محمل الجد.
عندما سيطرت طالبان على الحكم في 1996، أصبحت سيارات تويوتا بمثابة الناقل الرسمي للحركة. انتشرت صور مقاتلي طالبان وهم يجوبون المدن بسيارات هايلوكس بيضاء تحمل أسلحة على ظهرها، لدرجة أن وسائل الإعلام العالمية أطلقت عليها اسم "Toyota Taliban".
عندما غزت الولايات المتحدة أفغانستان عام 2001 بعد أحداث 11 سبتمبر، واجهت طالبان ضغوطًا عسكرية هائلة، واضطر زعيمها الملا عمر إلى الفرار من معقله في قندهار. لكن اللافت للنظر أن الزعيم الذي قاد أفغانستان لسنوات لم يهرب في سيارة مصفحة أو طائرة خاصة، بل في سيارة بسيطة جدًا: تويوتا كورولا بيضاء!
وفقًا لتقارير المخابرات الأمريكية، فإن الملا عمر استقل كورولا عادية تمامًا مثل مئات الآلاف من السيارات الأخرى التي تملأ شوارع أفغانستان، مما جعله يختفي بسهولة عن أعين القوات الأمريكية. وهكذا، أصبحت كورولا ليست فقط السيارة المفضلة للمدنيين، بل حتى لقادة الحروب والمطاردات التاريخية!
بعد انسحاب القوات الأمريكية وعودة طالبان للحكم في 2021، بقيت تويوتا السيارة المفضلة للجميع. كورولا لا تزال تسيطر على الطرقات، ولاندكروزر وهايلوكس ما زالتا الخيار الأول لأي شخص يحتاج إلى سيارة قوية يمكنها فعل كل شيء.
أفغانستان بلد تغيرت فيه الحكومات، وشهد حروبًا لا تنتهي، لكن هناك شيئًا واحدًا لم يتغير أبدًا: تويوتا هي الملكة الحقيقية للطرقات!
تعليقات
إرسال تعليق