"نصر كويتي: أتوبيس صنعته مصر ودعمه كرم الكويت"
في ظلال التاريخ الحديث، تتوسط قصص التعاون العربي العديد من المحطات التي تعكس الروابط القوية بين الشعوب العربية. ومن تلك القصص الجميلة ، قصة "نصر 411"، الباص المصري الذي أصبح لاحقًا يعرف باسم "نصر كويتي"، وهي قصة تحمل في طياتها معاني الكرم والانتماء العربي المشترك.
في الرابع من أغسطس عام 2020، اهتزت بيروت على وقع انفجار مروع في مرفأها، لتتحطم الصوامع الشامخة التي وقفت صامدة لعقود. وعندما تساقطت حبات القمح من بين الركام، اكتشفت انا حقيقة مدهشة: هذه الصوامع بُنيت بتمويل ودعم من دولة الكويت في نهاية الستينات، في خطوة تجسد كرم وأصالة هذا البلد العربي الأصيل. لم يكن هذا الموقف الأول، ولن يكون الأخير؛ فالكويت على مر العصور كانت سباقة في دعم ومساندة أشقائها العرب، لتصبح رمزًا للعطاء العربي المتجذر.
أمير الكويت الشيخ صباح السالم والرئيس اللبناني شارل الحلو يضعان حجر الأساس لصوامع غلال مرفأ بيروت في 16 سبتمبر 1968
._____________________________________________________________________________________________________________________
وفي مصر، كانت هناك قصة مشابهة تكشف عن قوة هذا الدعم العربي المتجذر. كانت قد تأسست شركة "النصر لصناعة السيارات" كأول وأكبر شركة لصناعة السيارات في مصر والوطن العربي. كانت الشركة حلمًا قوميًا يهدف لتحقيق الاكتفاء الذاتي من وسائل النقل، ودعم الاقتصاد الوطني عبر تصنيع مركبات بأيادٍ مصرية.
بدأت شركة النصر رحلتها بإنتاج سيارات الركوب والشاحنات، ولكن كانت أهم إنجازاتها إطلاق أتوبيس "نصر 411" الذي صُمم خصيصًا ليلائم احتياجات النقل الجماعي في مصر. بشكله العصري في ذلك الوقت، ومساحته الواسعة، وقوته الميكانيكية، أصبح الأتوبيس رمزًا للتطور الصناعي المصري وأيقونة شوارع القاهرة والإسكندرية.
وفي مشهد يعكس التلاحم العربي، جاءت لمسة الوفاء من الكويت وكانت في الطليعة في دعم هذه الصناعة الوطنية المصرية عبر استيراد عدد من هذه الحافلات لاستخدامها في شوارع الكويت. كان الهدف نبيلاً: تشجيع الصناعة العربية، وتقديم الدعم للاقتصاد المصري , ورأت الكويت في هذا الأتوبيس فرصة لتعزيز التعاون العربي .
صورة لاتوبس نصر 411 في مرحلة التصنيع أوائل الثمانينات __________
____ صورة لاتوبس نصر 411 في مرحلة التصنيع اواخر السبعينات ________
كان ذلك القرار الكويتي انعكاسًا واضحًا لروح التضامن العربي، حيث لم تتردد الكويت يومًا في مد يد العون للمجتمعات العربية، سواء كان ذلك من خلال الدعم المالي أو الاقتصادي أو حتى عبر تعزيز التعاون الصناعي. فالكويت، بقيادة أبنائها الأوفياء، كانت دائمًا سباقة في تعزيز العلاقات الأخوية بين الدول العربية، مؤكدة أن الوحدة والتكاتف هما السبيل لتحقيق التنمية والاستقرار.
_______ صورة نصر 411 في شوارع الكويت في نهاية السبعينات ________
وعلى الرغم من النوايا الطيبة ولكن كان للقدر رأي آخر؛ فمع حرارة صيف الكويت اللاهبة، بدأت محركات الأتوبيسات تُظهر بعض المتاعب، إذ كانت مزودة بمحركات ماجروس دويتس من ست اسطوانات " تبريد هواء " .و التي كانت مناسبة للظروف المناخية المعتدلة في مصر، و لكهنا واجهت صعوبات في التاقلم مع درجات الحرارة المرتفعة جدا في الكويت , فتوقف توريد الاتوبيس .
,ومع ذلك، لم يُنسَ هذا التعاون، ولم تخفت ذكرى هذه القصة في أذهان المصريين. بل على العكس، أصبح الباص "نصر 411" يُعرف فيما بعد باسم "نصر كويتي"، كرمز للاعتزاز بالعلاقات الوثيقة بين البلدين. وكان هذا اللقب تعبيرًا عن تقدير المصريين لدولة الكويت ولشعبها الكريم، الذين لم يترددوا يومًا في الوقوف إلى جانب أشقائهم العرب.
قصة "نصر كويتي" ليست مجرد قصة تجارية او تقنية ، بل هي حكاية أخوة بين مصر والكويت، وقصة كرم شعب كويتي آمن دائمًا بدور العرب في بناء مستقبل أفضل. هذه القصة تذكرنا بأن التحديات الفنية قد تكون عابرة، لكن الروابط الإنسانية والتعاون العربي هي التي تبقى خالدة.
و الجدير بالذكر ان اتوبيس نصر 411 تم تصيديرة الى عدة دول عربية منعا العراق و ليبيا و السودان
____________________________________________
شكر خاص لصفحةEgyptian old Buses memories - اتوبيس مصر زمان
على فيس فمن خلالهم استطعنا الحصول على كثير من المعلومات و الصور ..
تعليقات
إرسال تعليق