السيارة في مصر بين الاتوموبيل و العربية

تعود جذور كلمة "أوتوموبيل" في مصر إلى أوائل القرن العشرين، حيث بدأت البلاد تتواصل مع العالم الخارجي وتتبنى أحدث الابتكارات التكنولوجية. كان المصريون أول من استقبلوا السيارات في افريقيا و الشرق الاوسط, عبر الاتصالات مع الدول الأوروبية، خاصة فرنسا وبريطانيا، حيث كانت كلمة "automobile" تُستخدم بشكل واسع في وسائل الإعلام والصناعة هناك. ومع دخول السيارات إلى السوق المصري وتطور البنية التحتية الحديثة، بدأ المجتمع يُعرّف هذه المركبات بمصطلح "أوتوموبيل"، ايضا من خلال الاعلام و منشورات الدعاية للسيارات الجديدة في الصحف و المجلات المصرية.
ومن الجدير بالذكر أن زواج شاه إيران من الأميرة فوزية نهاية الثلاثينات كان له دور مهم في انتشار هذه الكلمة بين المصريين؛ إذ أن الإيرانيين كانوا يستخدمون مصطلح "أوتوموبيل" بشكل كبير في ذلك الوقت ،كما ان الاميرة فوزية كانت معروفة بحبها للسيارات .
مع اخيها الملك فاروق في احد القصور الملكية في سيار استون Austin 7 انجليزية الصنع موديل 1922 .
مع زوجها الثاني الدبلوماسي المصري اسماعيل شيرين و ابنتيها و في الخلفية سيارة مرسيدس sl 300 موديل 1955 _______________________________________________ مع مرور الوقت، ومع توسع انتشار السيارات في مصر وتطور وسائل الإعلام المطبوعة، بدأت الكلمة تتغير. تحولت المطبوعات والصحف تدريجيًا إلى استخدام المصطلح العربي الأصيل "سيارة"، الذي حمل معه بساطة اللغة وروح التجديد المحلي. ولم تتوقف هذه العملية عند ذلك الحد، بل أصبحت الكلمة العامية المتداولة بين الناس هي "العربية"، وهو لقب يمزج بين الأصالة والحداثة.
ومن اللافت أن المصريين يُطلقون لقب "عربية" على أي شيء يحوي عجلات؛ حتى تلك المركبات التي تُجر بواسطة الحمير أو الخيول. فـ "العربية" لم تعد مجرد ترجمة حرفية لكلمة "automobile"، بل أصبحت رمزًا ثقافيًا يحمل بين طياته روح الشعب المصري وارتباطه بالمركبات على اختلاف أشكالها ووظائفها. من هنا، نرى كيف أن رحلة الكلمة من "أوتوموبيل" إلى "سيارة" ومن ثم "العربية" تعكس تحوّلًا ثقافيًا ولغويًا يعبر عن مراحل التحديث والتأصيل في الوعي المصري. إنها قصة تجمع بين التفاعل مع الحداثة والحفاظ على الهوية الشعبية، حيث تستمر كلمة "العربية" في أن تُستخدم بكل فخر في كل مكان في مصر، مهما كان نوع المركبة أو وسيلة النقل المستخدمة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بطيخة يجوب شوارع القاهرة

"المكوة التي أحرجت المصريين في السعودية "

الزلموكة: السيارة التي جمعت العرب... ثم فرّقتهم .