الحلفاوية: عجلة الثورة السورية ورمز الصمود في زمن الحرب

حين يتحدى الإنسان المستحيل وينبثق الإبداع من رحم الأزمات، تظهر "الحلفاوية" كشاهد حي على قوة الإرادة السورية وعبقرية الحرفيين الذين رفضوا الاستسلام للظروف الصعبة. إنها أكثر من مجرد شاحنة محلية الصنع؛ بل هي قصة كفاح شعبي جسّدته أدوات بسيطة وأيادٍ ماهرة. في خضم الحرب الأهلية السورية التي اندلعت بعد عام 2012، وتحوُّل الاقتصاد إلى ركام، وتحطم سلاسل التوريد، وجد السوريون أنفسهم أمام معضلة وجودية: كيف ينقلون محاصيلهم من الريف إلى المدن؟ كيف يهربون من القذائف؟ وكيف يحافظون على شعلة الحياة في ظل انهيار كل شيء؟ الإجابة جاءت من مخيلة الشعب السوري الذي حوَّل الحديد الممزق إلى عجلات، واليأس إلى إبداع. بدأت القصة بتحويل الدراجات النارية الصينية ذات الثلاث عجلات (المعروفة محليًا بـ "الطريزينة") إلى شاحنات صغيرة قادرة على حمل بضائع تصل إلى 500 كجم. لكن مع اشتداد الحاجة إلى حمولات أكبر، تم استبدال محركها الضعيف بمحركات سيارات صغيرة رباعية الأسطوانات، لتصبح "الطرطورة"، التي تتحمل حتى 1500 كجم. لكن الاحتياجات كانت تتزايد، والحرب كانت تفرض تحديات أكبر. هنا جاءت ...